الجمعة، 25 مارس 2016

المجال والمهام الجيومورفولوجية

بالرغم من أن مصطلح الجيومورفولوجيا Geomorphology الذي صيغ في العقد السابع من القرن التاسع عشر يشير إلى الدراسة الوصفية لأشكال سطح الأرض، إلا أن المصطلح تطور عبر التاريخ ليدلل على العلم الذي يبحث في دراسة الأشكال الأرضية Landforms والعمليات العمليات التي شكلتها. اشتق مصطلح الجيومورفولوجيا (gewmorfhlogoV) من كلمات يونانية ثلاث GEW (الأرض)، morfh (الشكل)، أسباب  (طريقة التفكير)، أي أن المقصود من الكلمة هو تحفيز التفكير العلمي (logos) حول أشكال (Morphos) سـطح كوكب الأرض (Gaia) بغرض المعرفة العلمية لسمات أشكال الأرض السطحية (الإطار1-1).
تضم الأشكال الأرضية كل من الأنهار والتلال والسهول والشواطئ والكثبان الرملية وغيرها من الأشكال السطحية المتعددة. وبمرور الزمن، لم يعد مجال الدراسات الجيومورفولوجية مقتصراً على سطح الأرض فقط، بل اتسع في الوقت الحالي وامتد مجاله البحثي نحو دراسة الأشكال الأرضية بقيعان البحار والمحيطات، وبتطور علم الفضاء وإمكانية تصوير ورصد ومراقبة مكونات الفضاء الخارجي، أُضيفت للجيومورفولوجيا مجالاً جديداً متمثلاً بدراسة أسطح الكواكب والأجرام الفضائية كالمريخ والقمر والزهرة.
يتفاوت المدى المجالي لدراسة الأشكال الأرضية ما بين أشكال سطحية بسيطة ومحدودة الامتداد، إلى أشكال واسعة وأكثر تعقيداً كالسلاسل الجبلية، وهي أشكال أرضية متفاوتة الأعمار، حيث تتراوح فترات تشكلها (أعمارها) ما بين أيام إلى ملايين السنين.

الإطار (1-1)                                 تعريفات مختلفة لعلم الجيومورفولوجيا
*   "الجيومورفولوجيا كرست إلى تفسير تضاريس سطح الأرض وإلى فهم العمليات التي تحدث وتعدل الأشكال الأرضية' (Bridges 1990, p. vii)
*   ' الجيومورفولوجيا هي دراسة الأشكال الأرضية، وبشكل خاص طبيعتهم، أصلهم، تطور العمليات وتركيبهم المادي' (Cooke and Doornkamp 1990, p. 1)
*   ' الجيومورفولوجيا هي دراسة سطح الأرض بشكل كلاسيكي، الأشكال الأرضية التي يدرسها الجيومورفولوجيون، وهي الأشكال التي صنفت أ و سُـمِّيَتْ من قِبَل الجيومورفولوجيين، أو علماء الأرض الآخرين ' (Mayer 1990, p. 1)
*  ' الجيومورفولوجيا 000 هي  الدراسة العملية للمميزات الهندسية لسطح الأرض.  بالرغم من أن التعبير يـحدد عموما الأشكال الأرضية التي تطورت فوق مستوى البحر، الجيومورفولوجيا تتضمن كل السمات التي تربط ما بين الأرض الصلبة والماء والجو.  لـذا ليس فقط الأشكال الأرضية من القارات وهوامشها،  ولكن تضم ـ أيضا ـ أشكال قاع البحر.  انتهاءً بتزويدنا من خـلال المركبات الفضائية بمعلومات عن القمـر والمريـخ والكواكب الأخرى (فـإنها) تخلق سِـمه من الفضاء الخارجي إلى الجيومورفولوجيا' (Chorley et al. 1984, p. 1).
*  ' الجيومورفولوجيا، أفضــل  وأبســط تعـريف لها  هي دراسة أشكال الأرض. مثل أكثر التعاريف بساطة، تجد أن المعنى الفعلي مبهم ومفتوح جدا إلى التفسير' (Ritter et al. 1995, p.3).
*  ' الجيومورفولوجيا تعني دراسة أصل وتطور الخصائص (السمات) الطبوغرافية للعمليات الفيزيائية والكيميائية التي تعمل عـلى أو قـرب سطح الأرض000 تعتمد دراسة العمليات السطحية والأشكال الأرضية بشدة على المبادئ الجيولوجية. بالرغم من ذلك، مثلها مثل العلوم الأخرى، تعتمد الجيومورفولوجيا على تطبيق المبادئ الأساسية للفيزياء  والكيمياء وعلم الأحياء  والرياضيات على الأنظمة الطبيعية'  (Easterbrook 1993, p. 2)
*  '  التراكيب والمواد والعمليات وتاريخ الأشكال الأرضية المتغيرة، هي المكونات الأربعة الضرورية لدراسة  طبيعة وأصل سطح الأرض الحديث 00 ' (Selby 1985, p. 1)
* 000 ' الوصف المنظم، التحليل، وفهم المناظر الطبيعية، والعمليات التي تغيرهم000 الوصف، والتحليل، وفهم الأشكال الأرضية 000 ' (Bloom 1991, p. 1)                  
*    'الجيومورفولوجيا، هو العلم المهتم بأشكال الأرض السطحية، والعمليات التي تؤدي إلى تشكيلها، وهي تمتد لتضم بعض المعالم تحت سطح الماء، وبوصول الاستكشاف الكوكبي يجب أن تدمج المناظر الطبيعية مع الأجسام الرئيسية الصلبة للنظام الشمسي0 هنالك بؤرة واحدة للبحث الجيومورفولوجي، هي العلاقة بين أشكال الأرض والعمليات التي تتصرف وفقها حاليا'  (Summerfield 1991, p. 3)
* ' 000 الجيومورفولوجيا تعرّف بشكل واسع، كدراسة الماضي والحاضر والمستقبل للأشـكال الأرضية, وتجمعات أشكال الأرض (طبيعة اللانـدسكيب)، والعمليات السطحية على الأرض والكواكب الأخرى ' (Rhoads and Thorn 1993, p. 288)

من خلال البحث في الأشكال والعمليات الجيومورفولوجية، يمكن اعتبار الجيومورفولوجيا علم تاريخي وعلم تنبؤي أيضاً، فمن خلال دراستنا للأشكال الأرضية، يمكن أن نستنبط طبيعة العمليات التي سادت سابقاً وأدت إلى تكونها، ومن جهة أخرى، يمكن القول أيضاً إن المعرفة الجيومورفولوجية معرفة توقعية، فمن خلال العمليات الآنية، يمكننا التنبؤ بطبيعة الأشكال الأرضية المفترض تشكّلها لاحقاً.
بما أن الجيومورفولوجيا تبحث في الأشكال الأرضية والعمليات التي أنتجتها، فان كل من الشكل والعملية والعلاقات المتبادلة بينهما تعتبر قضايا مركزية لفهم أصل وتطور الأشكال الأرضية. ينظر إلى الشكل landform في الجيومورفولوجيا من جوانب رئيسية ثلاث: المتغيرات المادية (الخواص الكيميائية- الخواص الفيزيائية)، المتغيرات الهندسية (الحجم- الشكل- الأبعاد الهندسية) ومتغيرات تدفق الكتلة (معدل التدفق، حجم التدفق، سرعة التدفق،...). بينما تدل العمليةprocess  على حركة المادة ذات الخصائص المادية المتنوعة على سطح الأرض، التي تخضع إلى التعديل، وتتحرك بفعل القوى المنبثقة من باطن الأرض (عمليات باطنية المنشأ Endogenic) وهي من المواضيع التي تهتم بها الجيولوجيا (الإطار 1-2)، أو تلك القوى التي تنشأ بسطح الأرض، أو الغلاف الجوي (عمليات خارجية المنشأ Exogenic)، أو القوى التي تنشأ من خارج كوكب الأرض، كارتطام النيازك. تتضمن دراسة العملية كل من عمليات التحوّل المرتبطة بالتجوية، النقل، الجاذبية، المياه، الرياح والجليد.

الإطار (1-2):                                    الحد الفاصل بين الجيولوجيا والجيومورفولوجيا
يعتبر تعريف المجال البحثي للجيومورفولوجيا أكثر تحديداً عند مقارنته بالمجال الجيولوجي، ومع ذلك يمكننا وضع معايير للحد الفاصل بينهما. تهتم الجيومورفولوجيا بدراسة الوحدات الأرضية المرتبط تشكّلها بعمليات بيئية، ولاستمرارية العمليات المشكلة، يمكن ملاحظتها أنياً. بينما نجد الجيولوجيا geology تهتم بالدراسة والبحث في تلك الوحدات المرتبطة باللاندسكيب الأرضي، الذي خضع لتغيير جذري radical change. بالرغم من القول أن الجيومورفولوجيا تهتم بدراسة ظاهرات مرتبطة بالعصر الرباعي، لذلك ومن وجهة نظر مفاهيمية، لا يمكن من خلال اطار زمني، تحديد الحدود الفاصلة بين الحقلين. ولتوضيح ذلك، سوف نناقش المثال التالي: يعلو ركام جليدي القمة الجبلية، بينما الترسيب البحري يعلو منطقة جبلية أخرى، وكلاهما تشكلا خلال فترة زمنية متقاربة. بمناقشتنا للمثالين، برغم وجه الشبه بينهما، نجد أن الجيومورفولوجيا مهتمة بالتحقيق في المثال الأول، كون الشروط البيئية (التجمد)، والعمليات الخارجية (جريان النهر الجليدي) شكلا الركام الجليدي. بينما يهتم المجال الجيولوجي بالمثال الثاني، كون الترسيب البحري ناجم عن عمليات رفع تكونية، أو أدت لتغير مستوى سطح البحر.
تأكيد البعض بأن الجيومورفولوجيا تركز على الأشكال الرباعية، نابع من ندرة الأشكال الجيومورفولوجية التي تشكلت خلال فترات أقدم من الرباعي، لكون نشاط العمليات البيئية الخارجية أو النشاط الباطني للأرض أدى إلى تدمير أو إزالة معظم الأشكال الجيومورفولوجية الأقدم.
لا يقتصر الحد الفاصل بين الجيولوجيا والجيومورفولوجيا على آلية تشكل الظاهرة، أو إطارها الزمني فقط، بل تمتد حدود الفصل بينهما إلى تباين أسلوب التحقيق العلمي. دائما ما يسعى الجيومورفولوجي إلى البحث عن الصلات المنطقية، التفسير والبحث في العلاقة بين السبب والنتيجة للظاهرة الجيومورفولوجية ومحيطها، بينما يعتمد الجيولوجي في بحثه على الظاهرة المجردة فقط، وان كان ذلك ضمن سياق التكوينات المحيطة بها، من أجل الحصول على اطار واضح لشروط نشأة الظاهرة ضمن بيئتها الجغرافية القديمة paleogeography، وباعتماده على كل من علم الطبقات stratigraphy، علم الرسوبيات sedimentology، علم الحفريات paleontology وعلم الصخور petrography.

يعتبر التفاعل المتبادل بين الشكل والعملية جوهر البحث الجيومورفولوجي، حيث يؤثر الشكل في العملية، كما تؤثر العملية على الشكل. ضمن اطار أوسع، تؤدي العمليات الجوية، العمليات الأيكولوجية ونشاط العمليات الجيولوجية على التفاعل الجيومورفولوجي المتبادل بين الشكل والعملية.
تكمن طبيعة الاتصال المتبادل بين العمليات والأشكال السطحية في قلب الخطاب الجيومورفولوجي. تغيرت اللغة التي أعرب فيها الجيومورفولوجيين عن طبيعة الاتصال مع تغيّر السياقات الثقافية والاجتماعية والعلمية، وبعبارة عامة، بدأ الأسلوب الوصفي مع المفكرين الكلاسيكيين، أعقبها في منتصف القرن العشرين الأسلوب الكمي. تناول الكتّاب الأوائل أصل الملامح الأرضية، ومنها شرح اصل الجبال والسهول والتلال كأعمال نيكولاس ستينو Nicolaus Steno (1638- 1686م)، تبع ذلك مساهمات الجيومورفولوجيون الأوائل أمثال وليم مورس ديفيز William Morris Davis وجروف كارل جبرت Grove Karl Gilbert لتوضيح تطور الأشكال الأرضية من خلال العمليات الجيومورفولوجية.
حالياً، لدينا مالا يقل عن أربع أساليب بحثية مستخدمة في الجيومورفولوجيا، لدراسة الأشكال والعمليات الجيومورفولوجية:
1-  العملية- الاستجابة  عملية الاستجابة(العملية- الشكل) أو ما يسمى النهج الوظيفي functional approach المستمد من الكيمياء والفيزياء ومستخدم لمنهجية النظم.
2-  النهج التطوري للأشكال الأرضية  نهج تطور التضاريس المستمد جذوره من التاريخ الجيولوجي (geohistory) الذي يستكشف البعد التاريخي المهم للأشكال الأرضية.
3-  المنظور الوصفي للأشكال الأرضية characterizing landforms approach من خلال خصائصها، ونظم الأشكال الأرضية، والمستند على التباين الجغرافي.
4-  النهج البيئي environmentally approach المستند على نظم الأشكال الأرضية ضمن مقاييس متعددة تنطلق من المحلية، الإقليمية وانتهاء بالمقياس العالمي. 


التطور التاريخي للفكر الجيومورفولوجي
بذور الفكر الجيومورفولوجي
برزت بذور علم الجيومورفولوجيا من خلال مجموعة أسئلة، أثيرت بداية من قبل الفلاسفة اليونان والرومان، منها على سبيل المثال، كيف نشأت الجبال؟، كيف تشكّل المشهد الطبيعي لسطح الأرض؟. ناقش كل من أرسطو وهيروديت وسترابو وسينكا وكزينوفانيس وغيرهم، مجموعة من المواضيع كأصل الأنهار، تشكّل الدلتاوات النهرية والأسباب التي أدت إلى وجود الأصداف البحرية بأعلى القمم الجبلية. الفيلسوف والشاعر اليوناني كزينوفانيس Xenophanes ( ق.م570- 480 ق.م) الذي تكهن بأن وجود الأصداف البحرية على قمم الجبال يدل على ارتفاع وانخفاض الجبال. أعتقد هيرودوت Herodotus (484ق.م- 420ق.م) أن الجزء السفلي من مصر كان في السابق خليج بحري، وله القول المشهور "مصر هبة النيل" في إشارة منه إلى تراكم الطمي عام بعد عام في دلتا نهر النيل، أدى إلى خصوبة الأراضي الزراعية واستقرار السكان. خمن أرسطو Aristotle (384ق.م- 322ق.م) على التغيّر المتتالي بين الأراضي القارية وتلك البحرية، حيث أوضح أن الأراضي الجافة حالياً كانت في السابق جزء من البحر. لاحظ سترابو Strabo (63ق.م- 23م ؟) بأن حجم الدلتا مرتبط بكل من حجم الحوض النهري والضعف الصخري بالحوض. أشار سترابو إلى خسوف وارتفاع سطح الأرض. وضّح سينكا Seneca (4ق.م- 65م) قدرة الأنهار على تآكل الأودية . بمرور ألف عام، ظهر العالم ابن سينا (980م- 1037م) وناقش تعرية الجبال، حيث أكد على دور المياه والرياح والضعف الصخري في التعرية التفاضلية differential erosion بالجبال، إضافة إلى ترجمته لكتابات أرسطو.

شكل (  ): أهم الفلاسفة والعلماء ممن أشاروا في كتاباتهم لبعض الأفكار الجيومورفولوجية، وهم من اليمين إلى اليسار، كزينوفانيس، سنكا، هيروديت، سترابو، أرسطو وابن سينا.

 

وخلال عصر النهضة، برز الفنان والنحات والعالم ليونارد دافينشي Leonardo da Vinci (1452م-1519م) حيث برر وجود الأحافير والأصداف البحرية بالجبال كدليل على تغيّر مستوى البحر، مؤكداً أن قوة الجريان المائي هي التي عملت على حفر المجرى ونقل الرواسب الفيضية من مكان لآخر. أشار جيوفاني توزيتي Giovanni Tozzetti (1712- 1784م)، وهو من أبرز علماء القرن الثامن عشر، إلى دور التيار المائي في التعرية. برغم الرصيد المتراكم من الأفكار العلمية، إلا أن تلك الأفكار لم يتم وضعها ضمن إطار علمي، متكامل منطقياً، تؤسس لاتجاه علمي متخصص.
عرض جيمس هاتون James Hutton (1726- 1797) في عام 1785م، ورقة علمية أمام الجمعية الملكية بأدنبره، وناقش فكرته التي يرى فيها أن سطح الأرض تشكل ضمن عمليات بطيئة، وأن لتأثير المياه دور فعّال في تشكل سطح الأرض، ورافضاً لفكرة تشكل سطح الأرض بفعل الحوادث الكارثية كما أدعى العلماء التوراتيين، وبدأت افكاره تنتشر ببطء حتى عام 1802م. بعد خمس سنوات من وفاة هاتون، أعاد صديقة وأستاذ الرياضيات جون بلايفير John Playfair صياغة النظرية الهاتونية Huttonian Theory بشكل علمي، وضمن رسومات توضيحية. ومن خلال حسابات مفصلة وتوضيحية لنشأة الأرض، ومع التركيز على العلاقة بين الأنهار rivers والأودية valleys: "يبدو أن كل نهر يتكون من جذع رئيسي main trunk، يتغذى على مجموعة متنوعة من الفروع، وكل منهما يتخذ واد يتناسب وحجمه، ليشكلوا معاً نظام الأودية، ويتم الاتصال فيما بينهم من خلال التعديل اللطيف للمنحدر، وصولاً للمجرى الرئيسي. ولا يمكن الاتصال فيما بينهم أو الوصول إلى المجرى الرئيسي ما لم تعمل قوة التيار بالمجاري المائية من تعرية الأودية". تعتبر منهجية هاتون التي تأسست على الاعتقاد بأن العمليات البطيئة والمستمرة ما زالت تعمل ويمكن ملاحظتها حتى اليوم " slow but continuous operation of processes observable at the present day" وفرت أساساً كافياً لشرح التشكيل الحالي لسطح الأرض. تناول تشارلز لايل Charles Lyell بالبحث عن فكرة هاتون عن الاتساق uniformity وقام بتطويرها. ومن خلال عمله العلمي والمؤثر "مبادئ الجيولوجيا Principles of Geology" (1830-1833)، اصبح لتشارلز لايل شأن علمي مرموق، خاصة بعد توضيحه لمبدأ الاتساقية uniformitarianism، وهو مفهوم لخصه في عبارة موجزة "الحاضر مفتاح الماضي the present is the key to the past". بالرغم من التقدير الذي أكتسبه ليل من قبل علماء الأرض لفكرة الاتساق، إلا أنه أدى لكثير من الالتباس والتعقيد، مما أدى لتشويش كتابات الكثيرين من العلماء، خاصة عند التمييز بين المعاني المختلفة. في الواقع يمكننا تمييز معاني أربع لمبادئ تشارلز لايل:
1.    اتساق القانون Uniformity of law: وهي الفرضية التي ترى أن القوانين الطبيعية ثابتة ولا تتغير بتغير الزمان أو المكان.
2.  اتساق العملية :Uniformity of process وهو مقترح يؤكد على أن العمليات الطبيعية التي تتم حالياً قادرة على توضيح آلية تكوّن الظواهر الطبيعية المثيرة والموجودة على سطح الأرض، وهو مبدأ يعارض فيه التفسير التوراتي لأشكال سطح الأرض.
3.  اتساق المعدل Uniformity of rate: حيث يؤكد هذا المبدأ أن التغيّر الذي يصيب سطح الأرض هو تغيّر تدريجي وثابت وبطيء في الغالب، إلا أن لآيل أقر بأن هناك حوادث رئيسية حدثت في السابق، كالفيضانات والزلازل، إلا أنها ذات مدى محلي وحدثت في الماضي بنفس متوسط تردد حدوثها في الوقت الحاضر.
4.  اتساق الحالة Uniformity of state: يؤكد على أن تغيّر سطح الأرض أمر حتمي، إلا انه عديم الاتجاه. الحوادث المتعددة التي أدت إلى تغيّر سطح الأرض في الماضي، هي نفسها التي تعمل الأن، وهي الفكرة المركزية لدى لآيل في توضيحه لتعاقب دورات الأشكال الأرضية.

تشعب مفهوم الاتساق والمناقشات الحادة، بل والرفض من الآخرين، مما أدى لتشويش المفهوم، وقوبل بالرفض من قبل الجيولوجيين المؤيدين لأفكار الكتاب المقدس، خاصة فكرة التغيّر الفجائي لسطح الأرض، ورافضين لمفهوم الاتساق، وبشكل أساسي اتساق المعدل واتساق الحالة، ومتعللين بحجة صحة التفسير التوراتي، وما أورده بشأن الفيضان العظيم، ودليلهم في ذلك مكونات السطح بشمال أوروبا، حيث تنتشر الرواسب الرملية والحطام الصخري في كل من قمم التلال والسهول. بالرغم من خفوت أصوات مؤيدي التفسير التوراتي من الجيومورفولوجيين، إلا أن النقاش لازال يدور حول عدم اقتناع الكثيرين بفكرة اتساق المعدل واتساق الحالة، والعلاقة بين تغير كثافة العمليات والوقت، حيث يتمحور الخلاف الأساسي حول الأهمية النسبية لتردد العمليات الطبيعية العظمى (النادر حدوثها في الوقت الحالي!) وذات التأثير الفعّال في تشكّل سطح الأرض الحالي.
الجيومورفولوجيا الأمريكية
          بما أن أوروبا وضعت أسس الدراسة العلمية للأشكال الأرضية منذ النصف الأول للقرن التاسع عشر، فإنها أسهمت في تشييد البنية المفاهيمية لعلم حديث في النصف الثاني من القرن التاسع عشر من قِبل مجموعة من علماء الجيولوجيا الأمريكيين المثابرين بقيادة جون ويسلي باول John Wesley Powell وجروف كارل جلبرت Grove Karl Gilbert، وبشكل خاص، من خلال دراساتهم الحقلية للأشكال الأرضية بمناطق الغرب الأمريكي شبه الجاف، مستغلين الأشكال الأرضية العارية من غطاء نباتي وتربة، حيث كان لدى باول المقدرة على وضع إطار تصنيفي هيكلي نشوئي للجبال، إضافة لتصنيفه للأودية وشبكات المجارية المائية. تعتبر فكرة العلاقة بين حدود التعرية ومستوى القاعدة وتطور الأشكال الأرضية من أهم المفاهيم المركزية التي صاغها باول، مؤكداً، لا يمكن للأنهار من القيام بالتعرية دون مستوى القاعدة.
          تطورت البحوث اللاحقة في مجال الأشكال الأرضية، وأهمها البحوث الرائدة لجلبرت، حيث يعتبر أول من وضع أسس التحليل المنهجي للتفاعل المتبادل بين قوى التعرية وقوى المقاومة التي تبديها التكوينات الصخرية والرواسب السطحية، ومؤسسة لسلسلة من نتائج قوانين تطور اللاندسكيب والتي استندت على مفهوم جلبرت عن التوازن الديناميكي dynamic equilibrium، وقدمها ضمن كتابه الكلاسيكي "تقرير عن جيولوجيا جبال هنري Report on the Geology of the Henry Mountains"، ثم مواصلته في تطوير المعالجة الكمية للعمليات الفيضية ونشرت عام 1914م. وفي حين أكد جلبرت على علاقة التعديل بين الأشكال والعمليات الحالية، برز رفيقه ومعاصره وليم مورس ديفيز William Morris Davis المؤسس للمدرسة الجيومورفولوجية على أساس التقدم الممنهج لتغيّر الأشكال الأرضية من خلال الزمن، والذي يبدأ بعملية رفع سريعة لسطح الأرض، ليطلق على هذا التسلسل التطوري وصف دورة التعرية cycle of erosion ويعطي لكل مرحلة من مراحل الدورة مسمى عمري شبيه بمسمى مراحل حياة الإنسان (مرحلة الطفولة، مرحلة الشباب، مرحلة النضج أو الشيخوخة)، ولاحقاً، قام طلاب ديفيس وغيرهم من الباحثين، يدفعهم الحماس، بتطبيقها في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، إلا أنها رفضت من أغلب الجيومورفولوجيين الأوروبيين، واعتبروها نموذج مفرط في المثالية، إضافة لعدم إيلاء العامل المناخي بنموذج دورة التعرية دور يذكر، والتقليل من أهميته في التأثير على تطور الأشكال الأرضية. بالرغم من التحدي الأوربي لدورة التعرية، إلا أن جُل النقد تم توجيهه من فالتر بِنك، حيث جادل بأن لا يمكن للدورة أن تتقدم بعد عملية الرفع السريعة في مراحلها الأولى، إلا في ظل هدوء واستقرار للقشرة الأرضية خلال فترة دورتها، وهو ما لا يمكن حدوثه.



السبت، 13 أبريل 2013

السيرة الذاتية للدكتور ناجي علي مجلي اللهبي


     ناجي علي مجلي اللهبي                           السيرة الذاتية                                                15 فبراير 2013م
   معلومات الاتصال:                            جهة العمل                           تلفون:       770383561- 00967
                                                     قسم الجغرافيا                            فاكس:          1216400-00967
                                                كلية الآداب والعلوم الإنسانية      البريد الالكتروني: dr.naji2008@gmail.com                                            
                                             جامعة  صنـعاء                   العنوان البريدي:     ص. ب: 13913
                                              صنعاء                                                  مكتب بريد معين
                                                الجمهورية اليمنية                                       صنعاء - الجمهورية اليمنية
الاهتمامات     الجيومورفولوجيا والأشكال الأرضية: الجيومورفولوجيا البيئية، الجيومورفولوجيا الثقافية، الجيومورفولوجيا الفيضية،   
   البحثيــة       تقييم الموارد الطبيعية، بيئات المناطق الجافة، المخاطر والكوارث، تقييم وتخطيط النظم البيئية، التغيرات المناخية.

     
                     دكتوراه الفلسفة في الجغرافيا الطبيعية                                                           2005م
                                    جامعة الخرطوم ـــــ جمهورية السودان
                                    التخصص: الجيومورفولوجيا الفيضية
                                    الموضوع:  جيومورفولوجيا مروحتي وادي زبيد ووادي سردود
                                    الإشراف:  دكتور/ عباس شاشا موسى؛ بروفسير/ إبراهيم عثمان علم الدين

الدراســــة:         ماجستير في الجغرافيا الطبيعية                                                                   2001م
                                 جامعة الخرطوم ـــــــ جمهورية السودان
                                   التخصص: جيومورفولوجيا المناطق الجافة
                                   الموضوع:  السهل الترسيبي لوادي رماع دراسة في جيومورفولوجية المناطق الجافة وشبه الجافة
                                   الإشراف: دكتور/ عباس شاشا موسى
                                 
                   بكالوريوس الجغرافيا                                                                              1993م
                               كلية الآداب ـــــ جامعة صنعاء ـــــ الجمهورية اليمنية
المنشورات:
الأبحاث العلمية المنشورة:
 - في طبيعة علم الجيومورفولوجيا.
 - تأثير متغيرات المنحدر على الأبعاد القياسية للمدرج الزراعي بالجمهورية اليمنية.
 - المنظور الجيومورفولوجي لمخاطر النظم البيئية.
 - تقييم الجفاف باستخدام مؤشرات الضعف بمنظومة الإنتاج الريفي في اليمن.
 - الضعف بتأثيرات الاستجابة اللا خطية للتغيرات بالأودية الموسمية.
 - التغير المناخي: القابلية لضعف الأصول الإنتاجية والفرص المتاحة للمجتمعات المحلية.
المشاركة البحثية بالمؤتمرات العلمية:
 - الملتقي الخامس للجغرافيين العرب، الكويت، دولة الكويت،  5-7/4/ 2009م.
 - المؤتمر العلمي الرابع للجغرافيين اليمنيين، جامعة صنعاء، صنعاء، الجمهورية اليمنية، 27-29/12/2010م.
 - المؤتمر الجغرافي الفلسطيني الثالث، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، دولة فلسطين، 13-16/7/2010م.
 - المؤتمر الدولي لإستراتيجيات إدارة الجفاف بالإقليم الجاف وشبه الجاف، مسقط، سلطنة عمان، 11-14/12/ 2011م.
 - المؤتمر الخليجي العاشر للمياه، قطر، دولة قطر،  22-24 /4/2012م.
 - المؤتمر الدولي الخامس لكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت، الكويت، 11-14 /2/ 2013م.

مرجعية العمل الأكاديمي:
 - ا.د/ أمين علي القحطاني. عميد كلية الهندسة. جامعة صنعاء.   aminqahtani@gmail.com
 - د/ حازم علي شكري. قسم الجغرافيا. كلية الآداب. جامعة صنعاء.  alsobihi@hotmail.com
 - د/ فهمي علي سعيد. قسم الجغرافيا. كلية الآداب. جامعة صنعاء.  fahmygeo@gmail.com


Last updated on February 15th, 2013